القهوة.. ثلاثة فناجين قد لا تكفي!
يمكن اعتبار القهوة مشروبا عالميا ليس له منازع فأينما تجولت في أرجاء الدنيا من مشرقها إلى مغربها تجد القهوة متربعة على عرش المشروبات العالمية يتناولها الأغنياء والفقراء حتى بات لاحتسائها وطرق تقديمها تقاليد عريقة تستوجب الجهد وإنفاق المال.
شجرة القهوة:
وتشير كتب التاريخ إلى أن علاقة الإنسان بالقهوة بدأت قبل نحو أربعة مائة سنة فقط، ويعتقد أنها بدأت بالحبشة ثم انتقلت شجرة القهوة إلى اليمن ثم سيلان وجاوه والبرازيل، وهي البلاد التي تعتبر الرائدة في مجال القهوة اليوم.
وبحسب كتاب "الغذاء لا الدواء" للدكتور صبري القباني، فإن أول مقهى بالتاريخ أفتتح بمدينة القسطنطينية في عهد السلطان سليمان الثاني وفي سنة 1660 انتقلت منها إلى باريس فلندن ثم إلى سائر أرجاء الدنيا.
يبلغ ارتفاع شجرة القهوة بين 8 و 9 أمتار وهي دائمة الاخضرار في جميع فصول السنة وأزهارها بيضاء اللون ولا بد من نمو القهوة ونضوجها من مناخ حار وأمطار استوائية غزيرة.
التركيب الكيميائي للقهوة:
حبة القهوة معقدة التركيب من الناحية الكيميائية، إلا أن أهم ما يدخل في تركيبها من المواد هو "الكافئين" وهذه المادة تختلف باختلاف نوع القهوة، ويعتبر "الكافئين" في نظر الطب مادة مدرة للبول ومقوية للقلب ومنشطة للأعصاب والعضلات. وهي نفس النظرة التي نظر بها العرب إلى القهوة منذ زمن بعيد. إذ كانت لهم محطات خاصة أشبه بالحانات تقف فيها ركبانهم لتستريح من عناء السفر وتنشط قواها بارتشاف بعض فناجين القهوة.
إن ثلاثة فناجين من القهوة يحتسيها الإنسان في اليوم الواحد تعتبر منبها قويا أما ما زاد عن هذا المقدار فهو منبه شديد الضرر ولا فائدة منه على الإطلاق، ففنجان القهوة العادي يحتوي على مقدار 9 ميليغرامات من الكافئين، فإذا ما أكثر الإنسان من تناول القهوة وأدكم على ذلك أصيب بتسمم بطيئ فيغدو نومه خفيفا قصيرا مفعما بهواجس الأحلام، وتضعف شهيته للطعام، ويصاب بآلام معوية واضطرابات في التبرز وتناوب ما بين إمساك وإسهال، وبطئ في عمل القلب واختلال في نظام خفقانه وضيق في التنفس لأقل مجهود وضعف في القوة الجنسية.
ويروي التاريخ لنا أن لويس الرابع عشر فقد قدرته على المعاشرة الزوجية بعد اعتياده على شرب القهوة. ويحرم بعض الأطباء القهوة على مرضاهم المصابين بضغط الدم لأنها تزيد في نشاط الدورة الدموية بينما يسمح الأطباء بتناولها شريطة التزام مبدأ الاعتدال في ذلك ونفس القول ينطبق على المصابين بتصلب الشرايين.
الإدمان على القهوة:
هناك صفتان جيدتان للقهوة، فهي مع كونها منبها من المنبهات، إلا أنها تورث متعاطيها ذلك الشعور بالاستزادة من شربها على مر الزمن، كما أن المدمنين على تناولها لا يشعرون بالخمول الذي يصاب به مدمنو المنبهات الأخرى، وإذا ما تناولها الإنسان باعتدال استطاع أن يتقي أذاها.
ويبدو تأثر القهوة يختلف باختلاف التأثير الطبيعي لكل شخص فبينما نجدها ذات تأثير مؤرق قوي على البعض اعتقادا منهم بذلك نجد آخرين يتناولونها بكميات كبيرة ثم يسلمون أجفانهم للرقاد الهنيئ بسهولة تامة مهما كثرت كميتها وثقل تركيبها.
إعداد القهوة وعاداتها:
إن طريقة لإعداد القهوة وكمية البن المستخدم فيها لها أكبر الأثر في نتيجة تناولها ويقول صموئيل بريسكوت: "إن معظم الذين يصابون بالضرر بسبب تناول القهوة إنما ينتج ضررهم على طريقتهم في إعدادها".
ولكي نقلل من هذا الضرر بقدر الإمكان يحسن بنا أن نتوخى دائما البن الطازج المحمص والمطحون حديثا وأن نضعه على نار هادئة لا تصل بالماء إلى درجة الغليان. ويفضل استعمال آنية مصنوعة من الزجاج أو الصيني المطلي بالميناء، بدلا من استعمال الغلايات النحاسية والمعدنية.
أما بالنسبة للمرضى بالقلب والنقرس والقصور الكبدي فعليهم أن يتحاشو شرب القهوة وعلى الع**** فهي موصوفة للذين يعانون من انخفاض الضغط والوهن